الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة هكذا يكتب الأعرج، وهكذا تـأتيه القصص..

نشر في  17 مارس 2016  (13:41)

تطرق الأديب واسيني الأعرج خلال استضافته في برنامج «بيت الخيال» الذي تبثه القناة الوطنية الأولى ويقدمه الإعلامي كمال الرياحي إلى عدد من المواضيع الهامة كعلاقته مع اللغة ووظيفة المبدع ونظرته للثورات العربية.

وقد كشف الكاتب واسيني الأعرج إنّه انطلق في الكتابة بدءا من استعارات من «ألف ليلة وليلة»، الكتاب الذي اختلسه من «الكُتاب» الذي زاول فيه دروسه الأولى قائلا «إنّها سرقة مشروعة»، ووصف الأعرج «سرقته» بالصدفة الأخطر التي وقعت في حياته حيث شكلت المنعرج الذي مهد لمسار كاتب كان في طريق عشقه للغة وهناك شعلة تتقد بداخله.

وذكر الأعرج أنّ رهانه أصبح حينها أن يكون قاصا وكتب في بداياته 4 مجموعات قصصية متسائلا عما يدفعه إلى الكتابة الآن؟ وقال صاحب «حارسة الظلال» أنّ ما يدفعه للكتابة هو ما يمكن أن يضيفه داخل الدراما الإنسانية التي اسمها الحياة... وكيف يمكن أن يمنح للإنسان القارئ فرصة أن يفهم الحياة من خلال وجهة نظر ما..

وحول سؤال طرحه عليه الرياحي «كيف يكتب الأعرج ومن أين تأتيه القصص؟»، قال الأعرج إنّ الكتابة هي لحظة عشقية تبدأ من اللغة التي تستعملها.. وشدد الكاتب على أهمية البحث الذي تتطلبه عديد الروايات على غرار «كتاب الأمير» الذي يعتمد على التاريخ و«أصابع لوليتا» الموغلة في عالم الموضة. وقال الأعرج «أن تكون كاتبا يعني أن يكون لك مشروعا.. وأن تكون قادرا على خلق مُنجز تخييلي تتحول فيه المعرفة إلى متكئ ولا إلى وسيلة انتاج النص.. فإذا اكتفيت بترديد ما يحدث في المجتمع فهذا ليس بالإبداع.. الكاتب يخلق نماذجا بشرية، ينفذ لها، ينحت شخصياته... ما هي وظيفة الكاتب إذا كان لا يستطيع أن يحول كل هذه المادة الجافة الموضوعية الى لحظة شعرية».

واعتبر الأعرج ان الكتابة هي تجاوز للموت، فعندما يصل المجتمع العربي الى مرحلة اليأس السياسي والحضاري والديني والفكري، ويكون في حالة انتفاء كلي، إمّا تنتحر وتموت (بالمعنى المجازي)، وإمّا تنجز عوالم موازية تمنح الحياة لإنّ الإنسان مازالت له قدرة على الحياة والإبداع والخلق.

وبخصوص كتاب «سيدة المقام» الذي ترجم للعبرية قال الأعرج إنّه يرفض العنصرية اللغوية إذ لا توجد لغة عدوة بل إنّ العبرية هي لغة سيدنا موسى... ونوّه الأعرج بترجمة رواية «البيت الأندلسي» إلى اللغة الدنماركية قائلا إنّها تجربة خاصة من نوعها تنقل عوالما الى عوالم أخرى... وقال الأعرج: «ليست لي عداوة مع أي لغة.. اللغة هي مساحة نور للذهاب نحو الآخر»... وبخصوص الجوائز الأدبية، قال الأعرج إنّها حوادث عرضية واستثناءات تكافئ كتابا معينا وتجعله أكثر مرئية لا غير، أمّا إذا فهمت على أساس أنّ الكاتب أفضل من الآخرين فهذا يُحدث خللا مرضيا وهو ما صار للعديدين..

أمّا عن الثورات العربية، فاعتبر الأعرج أنّ الثورات أخفقت لأنّها لم تقدم البديل.. فالثورات «كانت تعبيرا عفويا ضدّ أنظمة وصلت الى سقف ظلمها واتضح أنّها هشة وليست البعبع الذي يخيف... الثورة أسقطت الطاغية لكن ماذا فعلنا بذلك؟ الثورة بحاجة إلى قيادة وإلى رؤية وإلا دخلت في اللادولة! ولذا تحوّلت الثورات الى حروب أهلية مدمرة».

وردا عن سؤال مقدم البرنامج بخصوص ماذا سيفعل لو كان رئيسا، قال الأعرج: «راح يقتلوني في الأسبوع الأول.. فإذ كان الرئيس محملا بالقيم التي ابثها في رواياتي: قيم الحب والخير والإصغاء، هل يمكن أن يضعها أمام الشعب ويقول له سأدافع معكم على هذه القيم.. لا أتصوّر بصراحة.. هذا جنون لأنّك ككاتب إله.. مهنة الكاتب أكبر عشر مرات من مهنة الرئيس، فهو يخلق ناس وعوالم.. أي عالم يشبه عالم الكتابة؟» 

استضافة الأديب الجزائري واسيني الأعرج في برنامج بيت الخيال شكّل حدثا ثقافيا مميّزا واستثنائيا على قناتنا الوطنية، وذلك بالنظر الى قيمة الضيف ومضمون الحوار الذي خرج عن السائد والمألوف. كما أنه قدّم اضافة على المستوى الفكري، نرجو أن تتجدّد على القناة الوطنية. 

شيراز بن مراد